•  
  •  
 

Volume 2024, Number 97 (2024) Year 38 Issue 97 January 2024

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، وبعد،، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة تشريعاً جديداً؛ وهو المرسوم بقانون اتحادي رقم 56 لسنة 2023 بشأن جهاز الإمارات للمحاسبة، وهو التشريع البديل للقانون الاتحادي رقم 8 لسنة 2011 القاضي بإعادة تنظيم ديوان المحاسبة، وبموجب هذا المرسوم بقانون الذي قام بتغيير مسمى ديوان المحاسبة إلى جهاز الإمارات للمحاسبة الذي يتبع رئيس الدولة مباشرة. وهذا التشريع الجديد بمسماه ومحتواه يعكس اتجاه دولة الإمارات العربية المتحدة الساعي إلى تعزيز الشفافية، والرقابة، والنزاهة، وحماية المال العام، ومحاربة الفساد الإداري والمالي بكل صوره وأشكاله، وهذا ما يعطى هذا الجهاز الجديد سلطة واسعة من أجل تعزيز الرقابة والمحاسبة والمحافظة على المال العام باستقلالية تامة. ويهدف هذا المرسوم بقانون إلى تعزيز الرقابة على المال العام وتنظيم مساهمة جهاز الإمارات للمحاسبة مع الجهات الأخرى ذات الصلة في حماية المال العام من خلال الرقابة على الأنشطة المالية والمحاسبية والتشغيلية، ومكافحة الفساد المالي والإداري، وإرساء المبادئ العامة لتعزيز إدارة مخاطر الفساد،والكشف عنه، ومعالجة أسبابه، ومحاسبة مرتكبيه لحماية الموارد المالية والمال العام، وتعزيز وترسيخ مبادئ النزاهة والشفافية والمساءلة، وممارسات الإدارة السليمة في الحكومة الاتحادية والجهات الخاضعة على نحو يعزز سمعة الدولة والثقة في نظامها المالي والاقتصادي مع الارتقاء بجودة أعمال التدقيق. وقد عدد المرسوم بقانون اختصاصات جهاز الإمارات للمحاسبة التي من بينها تدقيق الحساب الختامي الموحد (البيانات المالية) لحكومة الاتحاد، وإبداء الرأي فيها، وتدقيق وفحص البيانات المالية السنوية المنفصلة والمجمعة في الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز مع مراعاة قوانين ونظم إنشاء هذه الجهات، وتقييم كفاءة وفاعلية نظم الرقابة الداخلية على البيانات والعمليات المالية والتشغيلية، كما تشمل الاختصاصات وضع السياسة العليا للنزاهة ومكافحة الفساد المالي والإداري بعد اعتمادها من رئيس الدولة، والتحقق من التزام الجهات الخاضعة بالقوانين والتشريعات والأنظمة واللوائح والسياسات والقرارات وقواعد الحوكمة ذات الصلة بأعمال الجهاز لأغراض التدقيق، ومراجعة الأداء والمخاطر في الجهات الخاضعة، وفحص كفاءة وفاعلية واقتصادية الأنشطة المالية والتشغيلية لها، وتقديم التوصيات بشأنها. ومن بين مهام واختصاصات الجهاز تلقي قيامه بفحص أعمال التحقيق الإداري في الشكاوى والبلاغات المتعلقة بالاعتداء على أموال وممتلكات الجهات الخاضعة للجهاز، وتضارب المصالح كالاشتراك، أو تأثير رئيس الجهة الخاضعة، أو أي من أعضاء مجلس إداراتها أو موظفيها في عملية اتخاذ أي قرار بالجهة يكون له أو لأحد أقاربه أو شركائه فيه مصلحة شخصية إضافة إلى الشكاوى أو البلاغات المتعلقة بإساءة استخدام السلطة أو استغلال الوظيفة العامة بغرض الحصول على مصلحة خاصة أو للغير، وحالات إفشاء البيانات والمعلومات الرسمية للجهات الخاضعة التي تتكشف للجهاز، أو يبلغ عنها، وتكون جميع أعمال فحص الشكاوى والبلاغات والتحقيقات الإدارية التي يباشرها الجهاز بشأن الفساد المالي والإداري تحقيقاً للمصلحة العامة، وليس الفصل في النزاعات الإدارية والمدنية، أو التظلمات الإدارية للموظفين، أو الموردين، أو المقاولين، أو غيرهم، أو أي مصلحة أخرى، وتعزيزاً لهذا الجانب من الشكاوى والبلاغات ، ولكشف الفساد المالي والإداري في الجهات الخاضعة، فقد نصت المادة 27 من المرسوم بقانون على جواز منح مكافأة تشجيعية معنوية أو مادية لأي شخص يدلي بمعلومات جوهرية تؤدي إلى اكتشاف مخالفة من مخالفات الفساد المالي والإداري، وليس ذلك فحسب، بل إن المُبَلِّغَ أو الشاهد في هذه الشكاوى، والبلاغات ستكون له حماية قانونية وضمانات خاصة، وقد بين المرسوم بقانون أيضاً إجراءات التصرف في التحقيق الإداري؛ إذ يبلغ الجهاز الجهة الخاضعة لرقابته أو السلطة المختصة المعنية بالمخالفة لتوقيع الجزاء التأديبي على المخالف من الموظفين أو المكلفين بالخدمة العامة، واسترداد الأموال العامة التي تحصّل عليها المخالف بغير وجه حق، والتعويض عن الأضرار التي تسبب فيها، على أن تتم موافاة الجهاز بقرارات التصرف خلال 15 يوماً من تاريخ الإبلاغ، وتشمل الإجراءات أيضاً إحالة الجهاز أوراق التحقيق الإداري إلى النيابة المختصة متى ما كشف التحقيق عن وجود شبهة جريمة جزائية، ويكون ذلك دون الإخلال بالمسؤولية التأديبية. وبين المرسوم بقانون الحالات والوقائع التي تشكل مخالفات مالية أو إدارية والتي تحال إلى التحقيق حتى ينظر فيها من قبل الجهاز، وهي أفعال عامة وواسعة، ومنها: مخالفة القواعد والأحكام واللوائح المالية المعمول بها لدى الجهات المختصة، ومخالفة القواعد والأحكام المتعلقة بتنفيذ بنود الموازنة العامة، أو الموازنات الخاصة بالجهات المختصة، ومخالفة القواعد والأحكام المنظمة للعقود والاتفاقيات التي تجريها الجهات المختصة ...، وكل تصرف أو فعل أو ترك أو إهمال أو تقصير ترتب عليه إلحاق ضرر بالجهات الخاضعة للرقابة، أو ضياع، أو تبديد أي حق من حقوقها المالية، أو المساس بمصالحها المالية، أو مصالح الدولة بشكل عام، والاستيلاء على أموال الدولة، أو أموال الجهات الخاضعة، أو تسهيل الاستيلاء عليها، أو اختلاسها، أو إلحاق الضرر بمصالحها، أو استغلال الوظيفة العامة لتحقيق الربح للنفس أو الغير، أو في وقف أو تعطيل أو تأخير تحصيل الإيرادات العامة من الأموال أو الضرائب أو الرسوم المقررة للدولة أو الجهات الخاضعة. أما عن الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز فلم يقتصر الأمر على الجهات الحكومية الاتحادية مثل الوزارات، والهيئات، والمؤسسات العامة، والمجالس، والأمانات العامة، والأجهزة التنظيمية والأمنية والشرطية، والمراكز، والمكاتب، والجامعات، والمعاهد، بل شملت أيضاً الشركات والمؤسسات والأشخاص الاعتبارية المملوكة بالكامل من الحكومة الاتحادية، وتلك التي تساهم فيها الحكومة، أو الجهات، أو الشركات، أو المؤسسات، أو الأشخاص الاعتبارية بشكل مباشر أو غير مباشر منفردة أو بصفة مشتركة بنسبة تزيد على 25٪ من رأس مالها. وقد بين المرسوم بقانون أيضاً إجراءات الإعفاء من العقوبة المقررة، أو التوصية المتعلقة بتخفيفها بشأن كل من قام من المتعاونين أو الشركاء في الفساد المالي والإداري بالإبلاغ عن ارتكابه قبل الكشف عنه، وإجازة حفظ التحقيق الإداري عند التوصل إلى تسوية مع أي شخص ارتكب مخالفة مالية أو إدارية، ونتج عن التسوية استرداد المال العام محل التحقيق الإداري، وقام بالإدلاء بمعلومات ذات أهمية للمصلحة العامة، وتعاون مع الأجهزة الحكومية بهذا الشأن. وبعد هذا الاستعراض للمرسوم بقانون ومقارنته بالقانون السابق لديوان المحاسبة يتضح وبجلاء مدى تحسن القانون، وتغطيته، وبيانه لجوانب عديدة ومختلفة لم تكن واضحة في القانون السابق إضافة إلى تعزيز دور جهاز الإمارات للمحاسبة وتبعيته المباشرة لرئيس الدولة مما يعزز مكانته وقوته ورقابته وحفاظه على المال العام، وتعزيز الشفاهية، والنزاهة والتدقيق. وقد تميَّز هذا العدد بمجموعة من البحوث؛ حيث جاء البحث الأول بعنوان تأثير مبادئ اليونيدروا في التفسير المتطور للعقد، فيما تحدث البحث الثاني عن نشر المعلومات الطبية الخاطئة على المواقع الإلكترونية "حكمها وآثارها من منظور فقهي"، وتناول البحث الثالث حل منازعات العقود الإدارية بغير الطريق القضائي وفق النظام السعودي، وأما البحث الرابع فقد بيَّن ضمانات استيفاء الأجر في عقود المقاولة وتطبيقاتها المعاصرة "وفق التشريع النافذ في فلسطين"، وقد جاء البحث الخامس ليبين أهمية تحصين الجبهة الداخلية في مواجهة جائحة كورونا، الجويني أنموذجًا ، أما البحث السادس فتحدث عن فعالية طرح موضوع للمناقشة العامة كأسلوب للرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة"دراسة تطبيقية مقارنة" ، فيما جاء البحث السابع ليبين حصر الدلالات عند أصوليي الحنفية الأسس والنتائج، وأما البحث الثامن فكان باللغة الإنجليزية يبحث عن إرشادات عملية للكتابة القانونية للباحثين والمهنيين الشباب. ولم تغفل المجلة عن نشر أحكام قضائية حديثة جداً، صادرة عن المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية، ضمن باب الأعمال غير المحكمة. والله ولي التوفيق،، د. محمد شاكر الحمادي رئيس التحرير

Articles

PDF

The Influence of Unidroit Principles on the Evolving Interpretation of the Contract
Mohammed Sulaiman Al-Ahmad prof. and Dr. Abdullah Fadhel Hamid Dr