•  
  •  
 

Volume 2023, Number 94 (2023) year 37 Issue No. 94 April 2023

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، وبعد، ، ، حدَّثت وغيرت دولة الإمارات العربية المتحدة كثيرًا من تشريعاتها في الآونة الأخيرة من خلال تبني أفضل الممارسات العالمية في التشريعات والقوانين، وحرصاً من المشرع الإماراتي على مواكبة التغييرات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية والثقافية، وقد تجلت هذه التغيرات من خلال استحداث وتغيير قوانين مختلفة، ومنها قانون المعاملات التجارية، وقانون الشركات التجارية، وقانون تنظيم علاقات العمل، وقانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، وقانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، وقانون الجرائم والعقوبات وغيرها، وقد لاقت هذه التشريعات الحديثة في دولة الإمارات استحسانا من المجتمع المحلي والإقليمي والعالمي؛ لما صاحب هذه التشربعات من تبني لأنظمة حديثة وقواعد قانونية جديدة تواكب التغييرات، وتعمل على أن تكون دولة الإمارات ذات بيئة تشريعية تحقق العدالة والنمو، وتستقطب الاستثمارات والشركات العالمية. ومن هذه التشريعات الحديثة الصادرة في دولة الإمارات القانون رقم 6 سنة 2022 المتعلق بالأحداث الجانحين والمعرضين للجنوحالذي صدر بتاريخ 13 ديسمبر 2022، ونص القانون على أن يبدأ العمل به بعد ثلاثة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وقد صادف بدأ العمل بهذا القانون في تاريخ 15 مارس 2023 يوم الطفل الإماراتي. وقد جاء إصدار هذا القانون في هذا الوقت ليعدل ويطور من القانون القديم، وهو القانون رقم 9 سنة 1976 في شأن الأحداث الجانحين والمشردين الذي ظهرت فيه من خلال الممارسات العملية والتطبيقات القضائية حاجة هذا القانون سنة 1976 للتغيير والتطوير، وليتواءم القانون الجديد مع أحدث النظريات العلمية والقواعد الفقهية والقانونية في شأن معاملة الأحداث والمعرضين للانحراف، والأخذ بالملاحظات الفقهية والتطبيقات القضائية، وتجنب الصعوبات التي كانت تعترض تطبيق وتفسير النصوص القانونية. ومن يلق نظرة سريعة إلى القانون الجديد فسوف يلاحظ أن مسمى القانون قد تغير إلى قانون بشأن الأحداث الجانحين والمعرضين للانحراف بدلا من المشردين، فقد اُستبدلت هذه الكلمة بما يتناسب مع التغييرات في المسمى، كما أن القانون قد غير من السن القانوني للحدث، وقرر أن الحدث لا يسأل جزائيا إذا لم يبلغ الثانية عشرة من العمر، وقت ارتكاب الجريمة، ويجوز للنيابة العامة أن تأمر باتخاذ التدابير المناسبة المنصوص عليها في هذا القانون، وهذه الخطوة في رفع سن الحدث ليسأل جزائياً من سبع سنوات حتى سن الثانية عشرة يعد تغييرا كبيرا في القانون الإماراتي الجديد، وهذا السن الجزائي للحدث وإن حدده القانون الجديد بسن الثانية عشرة إلا أنه قد يتعارض مع ما ورد في قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي الذي نص في المادة 64 على أنه: "لا تقام الدعوى الجزائية على من لم يكن وقت ارتكاب الجريمة قد أتم الحادية عشرة من عمره...".، وهذا الأمر يستدعى النظر والبحث في هذه الجزئية لبيان مدى التوافق والتعارض بين القانون العام (قانون الجرائم والعقوبات)، والقانون الخاص (قانون الأحداث الجانحين والمعرضين للجنوح). أضف إلى ذلك أن القانون الجديد قد غير وعدل وأضاف إلى التدابير التي توقع على الأحداث، فسماها في المادة 11 "التدابير القضائية"، وجعل منها المراقبة الإلكترونية، والخدمة المجتمعية، والإيداع في المركز الوطني للمناصحة، وهذه الأمور لم تكن موجودة في القانون القديم، وحذف تدبيري التوبيخ والتسليم من التدابير القضائية، وأضاف الصلح الجزائي في المادة 20 من القانون الجديد، وهي لم تكن موجودة في القانون القديم، وقد سمح القانون الجديد للمحكمة سواء من تلقاء نفسها ام بناء على طلب من الحدث أم وليه أن تحكم بتعديل التدابير المحكوم بها أو وقفها أو إنهائها، وهذا الأمر يجعل للمحكمة سلطة واسعة على تغيير الأحكام، وهو أمر مستحن من المشرع الذي أضاف ذلك، على أن لا يخل هذا الأمر بقواعد الحكم البات. وقد قسم القانون الجديد التدابير إلى نوعين: تدابير قضائية وتدابير إدارية، فعندما حذف القانون الجديد تدبيري التوبيخ والتسليم من التدابير القضائية أضافها إلى التدابير الإدارية، وهو تقسيم مستحدث، ونص جديد في المادة 33 بعنوان: "التدابير الإدارية"، وفيه سلطة للشرطة بتوقيع التدابير الإدارية على الحدث المعرض للجنوح وهي: التسليم إلى الولي، والإلزام بواجبات معينة، والمراقبة الإلكترونية لمنعه من ارتياد أماكن محددة، أو تحديد ساعات الخروج، والإحالة إلى منشآت صحية أو متخصصة، والإحالة إلى مؤسسات الأحداث"، وتحدد اللائحة التنفيذية – لم تصدر بعد - لهذا القانون الشروط والضوابط الخاصة بهذه التدابير الإدارية، فهذا النص والتقسيم الجديد للتدابير وإعطاء الشرطة سلطة تطبيق هذه التدابير الإدارية قد يثير عدة تساؤلات وإشكاليات متعلقة بكون هذه التدابير في حقيقتها قد تكون تدابير قضائية يجب أن تصدر عن سلطة قضائية وليست سلطة تنفيذية، ومدى التداخل بين التدابير القضائية والتدابير الإدارية ولاسيما فيما يتعلق بالمراقبة الإلكترونية، وشروط انطباق التدابير القضائية على الحدث، وشروط انطباق التدابير الإدارية على الحدث المعرض للجنوح، والفرق بين الحدث الجانج، والحدث المعرض للجنوح، وهو الأمر الذي يستدعى مزايداً من البحث والتحليل. ومن الأمور التي نظمها القانون الجديد وجعلها واضحة أكثر من السابق هي ضوابط التحقيق والإجراءات المتبعة عند التحقيق مع الحدث ومدى جواز حبسه احتياطيا، وكذلك ضوابط محاكمة الحدث، وكيفية حمايته ولاسيما فيما يتعلق بنشر اسم وصور الحدث، أو نشر وقائع التحقيق أو المحاكمة...الخ، وأجاز القانون استئناف جميع الأحكام الصادرة على الحدث، وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدور الحكم إذا كان حضورياً، أو من تاريخ إعلان الحكم إذا كان غيابيا، وتفصل فيه المحكمة على وجه السرعة، مخالفا بذلك القواعد العامة المتعارف عليها بشأن الأحكام الغيابية -التي يسمح فيها للمتهم بالاعتراض على الحكم الغيابي قبل استئنافه. وأخيرا فإن القانون الجديد قد ألغى تدبير الإبعاد الذي كان معمولاً به في القانون القديم، فقد أجاز هذا الأخير للمحكمة أن تبعد الحدث من البلاد، ويكون الإبعاد وجوبيا إذا عاد الحدث إلى إحدى حالات التشرد أو الجناح، وقد كان هذا الحكم من المحكمة بالإبعاد مما لا يجوز استئنافه، وهذا الإلغاء لتدبير الإبعاد مما يحسب للمشرع الإماراتي الذي راعى الحدث وظروفه الاجتماعية والأسرية، وتجنب ما أحدث من مشاكل في التطبيق العملي الذي قد يكون متماشيا مع القانون القديم عند صدوره غير متوافق مع ما حدث من تطور للمجتمع وتغييرات اجتماعية وثقافية. ولأهمية هذا القانون قررت هيئة التحرير إعادة نشره هذا القانون كملحق مع هذا العدد، ولإعطاء الباحثين والقارئين والمطلعين نبذة عنه تمكنهم من الاطلاع عليه ونشر الأبحاث والدراسات حوله للاستفادة منها من قبل القانونيين والمحامين والقضاة. وأخيرا فإن هذا العدد من المجلة قد تميز بعدة أبحاث قيمة ومتنوعة وذات أهمية علمية عالية، فقد تناول البحث الأول ضمان الحقوق في الأموال المنقولة في ضوء القانون الاتحادي رقم (4) لعام 2020م، أما البحث الثاني فقد تحدث عن "الجامعات" الوهمية المفهوم واستراتيجيات المواجهة، وتطرق البحث الثالث إلى معايير اعتبار الحاجة الشرعية تطبيقًا على عقد التأمين التجاري دراسة تأصيلية تطبيقية، ويتحدث البحث الرابع عن نظام المسؤولية المدنية المِعْيارِية وعن أضرار المركبات ذاتية القيادة " دراسة في مُستجَد القانون الإماراتي والمقارن، أما البحث الخامس فقد تناول رسمية عقد الشركة التجارية وتحديات الثورة الصناعية الرابعة من خلالدراسة تحليلية مقارنة، وبين البحث السادس أثر جائحة فايروس كورونا في التزام المستأجر بدفع الأجرة "دراسة في التشريعين الفلسطيني والكويتي"، ووضح البحث السابع حكم الحُقن التجميلية من خلال دراسة فقهية، أما البحث الثامن فقد تطرق فيه الباحث إلى حشد القروض المصرفية في القانون التونسي؛ وهو بحث باللغة الفرنسية. ولم تغفل المجلة عن نشر أحكام قضائية حديثة جداً، صادرة عن المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية، ضمن باب الأعمال غير المحكمة. ومن الله التوفيق والسداد، ، د. محمد شاكر الحمادي رئيس التحرير

Articles

PDF

Fake “Universities” The Concept and Coping Strategies
Prof. Safaa Otani prof. and Hassan Al-Abdallat Dr